حين كتبت عن الرجل الثور، لامني قوم وأصدقاء، وأحباب وأعداء، إذ كيف أكون رجلا «والرجال كثير»، ومع هذا أسب الرجال؟! وها أنا أقول -بارك الله في حروفي ومقالاتي- بأنني لا أنتمي إلا إلى قبيلة بني حيوان، تلك القبيلة التي لا تسرق، ولا تفسد، ولا تنهب، وأتحدى من يثبت لي أن حيوانًا واحدًا من الممكن أن يسأل عما يحدث من أضرار بسبب سيول جدة، كما أتحدى من يقول أن أيا من حيواناتي الكريمة قد تورط في سرقة أي بالوعة، أو مناقصة من تلك المناقصات التي تعتمد لتطوير المدن، وتصريف المياه.
ولو عدنا إلى عتاب الأصدقاء، ونقد الأحباب، حين شبهت الرجل بالثور، أقول لو عدنا لذلك، لوجدنا أن معهم بعض العذر في قلة الرومانسية، وتناقص الإيتيكيت، وضعف المشاعر، وانحسار الأحاسيس، ولك أن تتخيل أن ثلاثة أرباع الموظفين في بلادنا هم من يعملون في حقل التعليم، وحياة المعلم هي كالتالي: إنه كائن يصحو فجرًا كـ«الديك»، ثم ينطلق للمدرسة نشيطا كـ«الغزال»، و«يكرف» ويعمل هناك كـ«الحمار»،
ثم يعود لبيته فيرعى أطفاله كـ«القطة»، وينبح عليهم كـ «الكلب»، فعلى أي شيء يحسدون هذا الثور المسمى –مجازا- بالرجل؟!
إن الرجل -سواء كان ثورا أو غير ثور- يلقي باللائمة على المرأة -سواء كانت بقرة أم غير بقرة-، والمرأة كذلك تحمل الزوج –ثورًا أو غير ثور- مسؤولية غياب العواطف، وجفاف الأحاسيس التي يجب أن تسمعها، وتلمسها من الرجل –سواء كان ثورًا أم غير ثور- لذلك والرأي الأتم لمقام القراء، أقترح أن تشكل لجنة لتقصي حقائق العواطف والمشاعر، بحيث يعرف الناس من المقصر، ويحاسب على ذلك، بشرط أن تكون المحاسبة صارمة، وليست كتلك المحاسبة الناعمة التي تمت مع من أوصلوا مدينة جدة إلى هاوية الكارثة، ومستنقع الغرق.
إن الرجل والمرأة يجب أن يتصارحا، ويزيلا قناع المجاملات والتضحيات، وإبر المسكنات التي يتعاطونها طيلة القرن الماضي، حينها –أعني حين المصارحة والمكاشفة- سيعرف كل واحد منهما أين تبتدئ مسؤوليته وأين تنتهي، وكفانا تراشقا بكرة وعشيا! حسنا، ماذا بقي؟ بقي القول إنني أتعمد دائما أن أتحدث عن الحيوانات، وأتناول المرأة بوصفها بقرة، والرجل بوصفه ثورًا، وذلك لسبب وجيه، ألا وهو أن الحيوانات لا تتحسس من النقد، ولا تشتكي منه، فهي بطبيعتها مرنة، وتتحمل الرأي والرأي الآخر، وتتقبل التعددية، ولا تضيق بمن يخالفها، فهل نحن فعلا وصلنا إلى مستوى البقرة والثور؟ أرجو ذلك؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق