الثلاثاء 28/09/2010
أحمد عبدالرحمن العرفج
كُلَّما وَطأت قدَماي أرض المَدينة، أشعر بسَعادة وسَكينة، وأشكر رَبِّي عَلى مَا آتَاها مِن الزِّينة، ففيها تَخلو نَفسي مِن كُلِّ ضَغينة، وأشمُّ ذِكرياتي في كُلِّ طِينَة، وألقى الأحبَاب والصِّلات المَتينة..! لَكن الزَّائِر لَيس كالمُغامر، فلا يَكتشف جَديدًا، ولا يَتوغَّل بَعيدًا، ولا يُزيل صَديدًا.. وهَذا مَا تَطوَّع بِه قَارئ جَاد يُدعى “خالد رجب مكاوي”، حِين كَفاني مُهمَّة استقصَاء وَاقع المَدينة الإدَاري، وطَلب “بميانة” استعارة الزَّاوية ليَطرح فيها أربع شَكاوى جَهد في تَرتيبها، ولا عَجب في ذَلك، لأنَّ القَارئ يُعايش العَراقيل يَوميًّا، ولَيس كمن تَصله الأخبَار والمَعلومات، وهو في مَكتبه المُكيَّف.. وقَد حَاولتُ أن أُلخِّص الرِّسالة لتَّتسع المساحة لكُلِّ مَا قَاله القَارئ “المُخلص”، فجَاءت كَما يَلي: الشَّكوى الأولى: أمانة المدينة المنوّرة عَفا عليها الزَّمن، فلم تَتغيّر الأسماء والعقول مُنذ أكثر مِن رُبع قَرن، والنَّهج الإداري كما هو، وإن كَانت المَباني جَديدة ومُجهَّزة بأحدث أجهزة التَّكييف، صَحيح أنَّ هُناك تَطويرًا، لكن بالشَّكل الذي يَضمن تَحصيل إيرادات الأمَانة فَقط، فمَثلًا نِظام الخَدمات الإلكترونيّة، الذي يَفتخر مَسؤولو الأمانة بتَنفيذه وتَشغيله، أصبح عِبئًا عَلى المواطنين، حيثُ نقلت نَفس الأفكَار إلى أصحَاب المَكاتب، نَاهيك عَن كَون صَاحب المَكتب لا يُقدِّم خَدماته مَجانًا، حيثُ نَدفع لاستخراج رُخصة المَحل 750 ريالًا، ولتجديدها 200 ريال، والغَريب أنَّ الأمانة تَبيع بطاقة الرُّخصة -التي لا تُكلِّف طِباعتها 25 هللة- مرَّتين عَلى المواطن، مرَّة ضمن الرّسوم المُحصَّلة آليًا بمبلغ 20 ريالًا للسنة الوَاحدة، والمَرَّة الأُخرى عَلى مَكاتب الخدمة الإلكترونيّة بسعر50 ريالًا، فيَقوم صَاحب المَكتب بإعادة بَيعها عَلى أصحاب المَحلَّات، فهل هَذه أمانة أم شَركة قَابضة..؟! ولمَاذا كُلّ هَذا الحِرص مِن قِبَل الأمَانة عَلى تَنمية إيرَاداتها بكُلِّ الوَسائل..؟! الشَّكوى الثَّانية: الجسر المُتقاطع مَع طَريق السَّلام افتُتِح مُنذ أيَّام، وهو -إن لَم تَخنِ الذَّاكرة- أكمَل عَامه الخَامس تَحت الإنشَاء، والطَّامة أنَّ الجِسر المِسكين يُعاني مِن اعوجَاج في سَاقهِ الأيسر مِن النَّاحية الشَّماليّة..! الشَّكوى الثَّالثة: تَتجاهل الأمَانة شَكاوى المواطنين، حيثُ اتصلتُ قَبل أكثَر مِن ستة أشهر؛ عَلى رَئيس إحدى البلديَّات الفَرعيّة، وطَلبتُ مِنه إرسَال مُختصّ للكَشف عَلى أسفلت الحي المُتآكِل بطَريقة غَريبة، ووَعدني خَيرًا، لَكن لَم يَتغيّر شيئًا..! الشَّكوى الرَّابعة: تَعاقب عَلى إدَارة جَوازات المَدينة المنوّرة أربعة مُدراء، لَكن صَالة استقبَال المواطنين لَم يَطرأ عليها أي تَحسين، فرَغم أنَّ مسَاحتها تَزيد عَن 300م2، ليس بِها سوى وحدَتيّ تَكييف اسبلت، ووحدَتيّ تَكييف صَحراوي زَادت مِن رطوبة الصَّالة، وأصبح الوَضع أشبه بسوق الغَنَم، حيثُ يَتزاحم في الصَّالة حوالى 2000 مُراجع يَوميًّا وبشكل مُكثَّف، يَنعدم مَعه أي أثر للهَواء النَّقي، بَل يُصبح الوَضع كَئيبًا للغَاية، أمَّا المَسؤولون عَن الصَّالة فهُم خَلف الشَّبابيك، ومكيّفاتهم تَعمل بصورة طَبيعيّة..! صورة مَع التَّحيّة إلى مَن يَهمّه الأمر؛ مِن أبنَاء طيبة الطيّبة المُخلصين، فمَا عَلى المُواطن -المَغلوب عَلى أمرهِ- سوى التَّطوّع بإيصَال المُعاناة، ومَا عَلى الكَاتِب إلَّا مُعاضدته عَمليًّا بالنَّشر، ومَعنويًّا بالدُّعاء والصَّبر..!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق