السبت 12/11/2011
أحمد عبد الرحمن العرفج
أحيَاناً يَتوهَّم المَرء أوهاماً تَضرّه، ويَجب –عِندئذٍ- أن يَتعوّذ مِن الشَّيطان الرَّجيم، حتَّى لا تَجري مِنه هَذه الأوهَام مَجرَى الدَّم، كَما الشَّيطان.. فمَثلاً: قَد يَتصوّر شَاب أنَّه وَسيم؛ ومَا هو بوَسيم.. وقد يَتصوّر آخر أنَّه سَاخِر؛ وهو لَيس كَذلك.. كَما أنَّه قَد تَتوهّم امرَأة بأنّها فَائقة الحُسن والجَمَال والدَّلَال؛ و"هي مِن جنبها".. لذلك يَقول أهل المَعرفة: (إذَا جَلَسَتْ امرَأتَان فإنَّه في الوَاقِع هُناك ستُ نِسَاء، وهُنَّ: المَرأة كَما تَرى نَفسها، والمَرأة كَما هي، والمَرأة كَمَا يَرَاهَا النَّاس).. لذَلك يَكون مَحصول السيّدتين الجَالستين لوَحدهما هُما -في عِلم المَعرفة- ستُ نِسَاء -كَما قِيل-..!
وصَاحب هَذا القَلَم وَقَع ضَحيّة هَذا الوَهم، وإليكُم الحكَاية:
مُنذ عَشرِ سَنوات وأنا أكتُب في جَريدة "المَدينة" كِتَابة شبه يَوميّة، وأكلتُ مَقلباً في نَفسي، وظَننتُ أنَّني مِثل الأُستاذ "محمد حسنين هيكل" في العَالَم العَربي، أو مِثل "توماس فريدمان" في أمريكَا، أو حتَّى الأستاذ "فؤاد الهاشم" في الكويت، ولَكن يَا لخَيبتي، فإنَّ هَذا الوَهم تَبدَّد وطَار -كَما طَارت فلُوس المُساهمين في سوق الأسهم-..!
حقًّا.. لقد تَبدَّد هَذا الوَهم عِندَما تَوقفتُ عَن الكِتَابة لمُدَّة أسبوع؛ في هَذا العيد، وللأمَانة، لَم يَفتقدني أحد، ولَم يَسأل عنِّي أحد سوَى وَالدتي –حَفظها الله ورَعاهَا- وهي لا تَقرأ ولا تَكتب، ولَكنّها افتَقَدَتْ صورة "الولد المربرب" المُسمَّى مَجازاً: "المَندي المُنتظر"..!
أكثَر مِن ذَلك، بَل هُناك مَن رَحَّب بتَوقّفي، فهَذا الصَّديق المُشاغِب "محمود صبّاغ" يَقول في تويتر: (مِن بَركَات 2011م سقوط القذافي ومبارك؛ وبَعض الأنظمَة العَربيّة، وأيضاً تَوقُّف أحمد عَن الكِتَابَة)..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: يا أيُّها الزُّملاء، الكُتَّاب الفُضلاء، احذَروا أن تَأكلوا مَقلبا في أنفسكم، فتَكونوا كالدّيك الذي يَعتقد أنَّ الشَّمس تُشرق لكي تَسمع صياحه، فقد تَوقَّف "العَرفج" أسبوعاً (ومَا أحد جَاب خَبَر)، ورَحَلَ "هيتلر" واستمرَّت الكُرَة الأرضيّة تَدور، ومَات "آينشتاين" واستمرَّ العِلْم والوَعي..!
يا قَوم: إنَّها عَجلة الحَياة التي لا تَعبأ ببَقاء أحد، أو رَحيل أحد، بَل إنَّ جَريدة "المَدينة" أحلَى بدُون هَذا الأضخَم المُسمَّى "أحمد الأغوَى".. وإذَا أردتم أن أزيدكم مِن الدِّيوان قَصيدة، فإنَّ الحَيَاة بدُون صَحافة أجمَل وأبهَى..!!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق