الأحد 11/09/2011
أحمد عبد الرحمن العرفج
في جَريدة الجَزيرة ليَوم الخَميس المُوافق 10/10/1432هـ وَرد الإعلان التَّالي: (يَنعى صالح بن عبدالله الأحمد وَالدة زَوجته «طُرفة بنت عبدالرحمن بن حسين العرفج»، وَالدة فهد البديوي -رَحمهما الله-، التي تُوفّيت فَجر أمس الأربعاء بمَكَّة المُكرَّمة.. رَحم الله الفَقيدة، وأسكنها فَسيح جَناته، فقَد كَانت مِثالاً يُحتذى بفِعل الخَير، وبَذْل المَعروف والصَّدقات؛ تَجاه مَن تَعرف ومَن لا تَعرف، فهي أُم للفُقراء والمَساكين، وبالذَّات دَاخل الحَرم المَكّي الشَّريف، طِيلة أربعين عَامًا، عَزاؤنا لأنفسنا أوّلاً ثُمَّ لأولادها وبَناتها «محمد، عبدالعزيز، د. إبراهيم، يوسف»، ومَعارفها وكَافّة أُسرتها.. «إنَّا لله وإنَّا إليه رَاجعون»)، انتَهى..!
فعلاً.. إنَّا لله وإنّا إليه رَاجعون، لقد تُوفّيت أُختي «طُرفة» عَن عُمر يَتجاوز السَّبعين، بَعد أن أكمَلَتْ رَمضان، وصَامَتْ السّت مِن شَوّال، وعَملَتْ في دُنياها مَا ستَجده في آخرتها..!
لقد كَانت صَاحبة يَد رَطبة، تُساعد الفُقراء، وتُدعم المُعسرين، وتُطعم المَساكين، وتَفعل كُلّ قَولٍ وعَمل يُقرِّبها مِن رَب العَالمين..!
لقد رَحلت أُختي، وهي سيّدة مِن عَامّة النَّاس، لا يَعرفها الإعلام، ولا تَرغب هي بهِ، ولَكن يَعرفها فُقراء الحَرَم والبُسطاء، ممَّن جَاور البيت العَتيق وهَذا يَكفي..!
فعِندَما ذَهبنا لنُوريها الثّرى؛ بَدت المَقبرة وكَأنَّها مَوج بَشري مُتلاطم مِن أقَاربها ومُحبّيها، وهُم بالمِئات، كَما كَانت هُناك كُتل بَشرية مِن فُقراء آسيا وإفريقيا، يَملأون المَكان، ومَا ذَاك إلا لأياديها البَيضاء عَلى فُقراء الحَرم، الذين تَعهَّدتهم بالطَّعام والشَّراب لأكثر مِن أربعين سَنة -كَما جَاء في الإعلان-، لقد رَحلت أُختي الكُبرى -رَحمها الله- والتي كَانت أكبر مِن أُمِّي -قَمّصها الله ثِيَاب العَافية- في السِّن، لذلك عِندَما رَأيتُ جَسدها الطَّاهِر أثنَاء إدخَاله القَبر، تَدَحْرَجَتْ مِن عَيني دَمعة، لأنّي فَقدت أُمِّي الثَّانية..!
أتذكَّر أنَّني عِندَما كُنتُ طفلاً أزور مَكَّة مَع أُسرتي، كَانت هي الوَحيدة مِن أقَاربنا التي تُوزّع الحَلوى للأطفَال والنّقود أيضًا، لذلك حَفَرَتْ اسمها في ذَاكرة الكَرَم وسجلات العَطَاء..!
لقد صَلّينا عَليها عَصرًا، وبَعد صَلاة المَغرب كَان الشّيخ «عبدالرحمن العجلان» العَالِم المُحدّث في الحَرم المَكِّي يَدعو لَها في آخر دَرسه، مُذكِّرًا أُهيل الحَرَم والمُصلِّين فيهِ بمَآثر تلك السيّدة، طَالبًا مِنهم الدُّعاء لَها بالمَغفرة والرَّحمة، والثَّبات عِند السُّؤال.. رَحمك الله يَا أُختَاه رَحمةً وَاسعة..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي..؟!
بَقي القَول: إنَّ العَرَب رَغم أنَّهم يَدّعون العَواطف والأحَاسيس والمَشاعر، إلاَّ أنَّهم يَتحرّجون مِن البَوح بِها أو إظهَارها؛ إذَا كَانت تَخص أهلهم وذويهم، لذَلك لا نَجد إلاَّ الشَّاعرة «الخنساء» التي رَثَت أخَاها «صَخرًا»، كَما نَجد الشَّاعرة «فدوى طوقان» رَثَت أخَاها «إبراهيم طوقان»، كَما أن «جَرير» رَثَى زَوجته ونَفرٌ قَليل..!
ومِن الغَريب أنَّ الشُّعراء يَبكون الدّيار والأطلال والأحجَار، ومَع ذَلك يَتحرّجون من رثَاء أخوَاتهم أو زَوجاتهم أو أولادهم، لذَلك هَا أنَا أرثي أكبَر أخوَاتي، وأبكِي عَليها كَما يَبكي الأطفَال، ولا أقول إلَّا مَا يُرضي الله، بَعد أن رَحَلَت مَن كُنَّا نُسمِّيها (أُم الفُقراء والمَساكين)، لله مَا أعطَى، ولله مَا أخذ.. (إنَّا لله وإنَّا إليه رَاجعون)..!!
فعلاً.. إنَّا لله وإنّا إليه رَاجعون، لقد تُوفّيت أُختي «طُرفة» عَن عُمر يَتجاوز السَّبعين، بَعد أن أكمَلَتْ رَمضان، وصَامَتْ السّت مِن شَوّال، وعَملَتْ في دُنياها مَا ستَجده في آخرتها..!
لقد كَانت صَاحبة يَد رَطبة، تُساعد الفُقراء، وتُدعم المُعسرين، وتُطعم المَساكين، وتَفعل كُلّ قَولٍ وعَمل يُقرِّبها مِن رَب العَالمين..!
لقد رَحلت أُختي، وهي سيّدة مِن عَامّة النَّاس، لا يَعرفها الإعلام، ولا تَرغب هي بهِ، ولَكن يَعرفها فُقراء الحَرَم والبُسطاء، ممَّن جَاور البيت العَتيق وهَذا يَكفي..!
فعِندَما ذَهبنا لنُوريها الثّرى؛ بَدت المَقبرة وكَأنَّها مَوج بَشري مُتلاطم مِن أقَاربها ومُحبّيها، وهُم بالمِئات، كَما كَانت هُناك كُتل بَشرية مِن فُقراء آسيا وإفريقيا، يَملأون المَكان، ومَا ذَاك إلا لأياديها البَيضاء عَلى فُقراء الحَرم، الذين تَعهَّدتهم بالطَّعام والشَّراب لأكثر مِن أربعين سَنة -كَما جَاء في الإعلان-، لقد رَحلت أُختي الكُبرى -رَحمها الله- والتي كَانت أكبر مِن أُمِّي -قَمّصها الله ثِيَاب العَافية- في السِّن، لذلك عِندَما رَأيتُ جَسدها الطَّاهِر أثنَاء إدخَاله القَبر، تَدَحْرَجَتْ مِن عَيني دَمعة، لأنّي فَقدت أُمِّي الثَّانية..!
أتذكَّر أنَّني عِندَما كُنتُ طفلاً أزور مَكَّة مَع أُسرتي، كَانت هي الوَحيدة مِن أقَاربنا التي تُوزّع الحَلوى للأطفَال والنّقود أيضًا، لذلك حَفَرَتْ اسمها في ذَاكرة الكَرَم وسجلات العَطَاء..!
لقد صَلّينا عَليها عَصرًا، وبَعد صَلاة المَغرب كَان الشّيخ «عبدالرحمن العجلان» العَالِم المُحدّث في الحَرم المَكِّي يَدعو لَها في آخر دَرسه، مُذكِّرًا أُهيل الحَرَم والمُصلِّين فيهِ بمَآثر تلك السيّدة، طَالبًا مِنهم الدُّعاء لَها بالمَغفرة والرَّحمة، والثَّبات عِند السُّؤال.. رَحمك الله يَا أُختَاه رَحمةً وَاسعة..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي..؟!
بَقي القَول: إنَّ العَرَب رَغم أنَّهم يَدّعون العَواطف والأحَاسيس والمَشاعر، إلاَّ أنَّهم يَتحرّجون مِن البَوح بِها أو إظهَارها؛ إذَا كَانت تَخص أهلهم وذويهم، لذَلك لا نَجد إلاَّ الشَّاعرة «الخنساء» التي رَثَت أخَاها «صَخرًا»، كَما نَجد الشَّاعرة «فدوى طوقان» رَثَت أخَاها «إبراهيم طوقان»، كَما أن «جَرير» رَثَى زَوجته ونَفرٌ قَليل..!
ومِن الغَريب أنَّ الشُّعراء يَبكون الدّيار والأطلال والأحجَار، ومَع ذَلك يَتحرّجون من رثَاء أخوَاتهم أو زَوجاتهم أو أولادهم، لذَلك هَا أنَا أرثي أكبَر أخوَاتي، وأبكِي عَليها كَما يَبكي الأطفَال، ولا أقول إلَّا مَا يُرضي الله، بَعد أن رَحَلَت مَن كُنَّا نُسمِّيها (أُم الفُقراء والمَساكين)، لله مَا أعطَى، ولله مَا أخذ.. (إنَّا لله وإنَّا إليه رَاجعون)..!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق